إرغام مجمع تجاري بريطاني على انتزاع مقعد شرقي من مراحيضه

إرغام مجمع تجاري بريطاني على انتزاع مقعد شرقي من مراحيضه

| لندن من إلياس نصرالله |

أثار قرار إلغاء مقعد شرقي، كان مجمع روشديل التجاري الضخم في مانشستر شمال غرب إنكلترا، ركبّه في مراحيض المجمع ضجة واسعة في بريطانيا أمس، قبل يومين من بدء شهر رمضان، إذ ان تركيب المقعد كان تم بناء على رغبة إدارة المجمع التجاري الذي يؤمه عدد كبير من المسلمين المقيمين في منطقة مانشستر الذين كانوا رحبّوا بهذه البادرة الحسنة تجاه الجالية الإسلامية في شكل عام، علاوة على وجود تجار مسلمين يملكون متاجر في المجمع ومسلمين آخرين يعملون فيه من أصول آسيوية ممن يحتجون على المقعد الشرقي.

ويعود سبب الضجة التي أثارها القرار، الى أنه اتخذ من جانب إدارة المجمع عقب تدخل مجلس روشديل البلدي ومطالبته إياها بانتزاع المقعد الذي تم تركيبه فقط في الشهر الماضي، بحجة أن المقعد أثار حساسيات عرقية وطائفية تهدد السلم الاجتماعي في المدينة وجوارها، بل في بريطانيا في شكل عام.

وقال آشلي ديرنلي، نائب مدير المجلس البلدي، «إنني مسرور لأن المركز التجاري أدرك أنه بكل المقاييس ارتكب خطأ، بحق البلدة والعلاقات العرقية».

وكانت إدارة المجمع ركبّت المقعد في المرحاض بناء على نصائح من ناشط اجتماعي مرتبط بالمجلس البلدي يدعى غلام رسول شهزاد، الذي نصح الإدارة بتركيب المقعد، لكي يشعر زبائن المجمع من المسلمين بأن الإدارة مهتمة بهم وبالتالي تشجيعهم على التسوق فيه. ووفقاً للإدارة فإنها أقدمت على تركيب المقعد اعتقاداً منها بأنها ستكون السباقة بين المجمعات التجارية المنتشرة في طول بريطانيا وعرضها باتخاذ مثل هذه الخطوة تجاه المسلمين.

غير أن ما حدث أن رسائل الاحتجاج بدأت تنهال على المجلس البلدي، معتبرة أن المقعد الخاص بالمسلمين والمزود بأنبوب وصنبور ماء خاص بالوضوء، خطوة تنطوي على التمييز بين المواطنين على أساس الدين وفيه تمييز للمسلمين عن غيرهم من الأديان، الأمر الذي يتناقض برأيهم مع سياسة المجلس وحتى الحكومة.

واللافت للنظر، أن مجلس روشديل البلدي يضم عدداً من الأعضاء المسلمين الذين أيدوا قرار المجلس وطالبوا إدارة المجمع بانتزاع المقعد الشرقي. ففي تصريح ظهر أمس على الموقع الإلكتروني لصحيفة «دايلي تلغراف»، وصف عضو المجلس فاروق أحمد المقعد بأنه «وصمة عار لروشديل» وأدى إلى إثارة النعرات العرقية.

وأعلنت إدارة المجمع، أن المرحاض سيبقى مغلقاً حتى إشعار آخر، ما يعني أن السبب هو الانشغال في عملية انتزاع المقعد الشرقي المشؤوم.

وجاءت هذه الحادثة لتعكر صفو العلاقات الاجتماعية بين مختلف الطوائف الدينية، خصوصا علاقات المسلمين مع غيرهم التي شهدت تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة بعد التوتر الملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة منذ تعرضت لندن للتفجيرات الانتحارية التي أودت بحياة 57 شخصاً علاوة على 750 جريحاً في يوليو 2005.

وسلطت وسائل الإعلام الضوء أخيراً في شكل إيجابي على الجاليات الإسلامية في بريطانيا، ونشرت صحيفة «الإندبندنت»، أمس، تحقيقاً خاصاً عن المسلمين البريطانيين، ذكرت فيه أن شهر رمضان هذا العام سيكون من أصعب شهور الصيام بالنسبة الى مسلمي بريطانيا مقارنة مع البلدان الإسلامية وغالبية الجاليات الإسلامية في العالم، بسبب طول ساعات الصيام (نحو 18 ساعة)، نظراً للفارق الكبير بين الفجر والمغيب المرتبط بالدورة الأرضية.

وتعكس قصة المقعد الشرقي لمرحاض روشديل، التخبط الذي وقعت فيه الدوائر الرسمية وشبه الرسمية في شأن طريقة التعامل مع الإسلام الذي يعتبر ظاهرة جديدة في بريطانيا وفي عدد من الدول الأوروبية والغربية. ومما يزيد من هذا التخبط اختلاط الدوافع الاجتماعية والدينية لدى المهتمين بالشأن الإسلامي في بريطانيا بالدوافع الأمنية.

فليس صدفة أن الإعلان عن قرار انتزاع المقعد الشرقي في روشديل جاء فيما كان نحو 1300 شاب وفتاة مسلمين من بريطانيا ودول أوروبية وغربية أخرى ينهون مخيماً صيفياً خاصاً بهم دام ثلاثة أيام وصف على أنه «أول مخيم معاد للإرهاب» في العالم.

وافتتح مخيم «الهداية»، كما أطلق عليه، السبت الماضي في حرم جامعة ووريك قرب مدينة كوفنتري شمال غرب لندن، بمبادرة من المفكر الإسلامي البريطاني محمد طاهر القادري بهدف تدريب المشاركين على أفضل الطرق لمواجهة التطرف الأصولي وسط الجالية الإسلامية، بالاستناد على تعاليم القرآن الكريم.

وذكرت صحيفة «الغارديان»، نقلاً عن أحد المشاركين في المخيم، أن التعاليم الدينية التي تم الاعتماد عليها في المخيم هي تلك التي تعارض العمليات الانتحارية في شكل واضح، من دون مواربة أو تأويل. وكان القادري أثار ضجة واسعة عندما أعلن في مؤتمر صحافي له في وقت سابق من العام الحالي، إصدار أول فتوى معادية للإرهاب.

Source : http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=220377&date=10082010

Comments

Top